حين يجول الصياد الصغير في شواطئ البحار ليبحث عن المحار ، تراه يعثر على صَدفة فيقوم بفتحها مباشرة كي يستخرج منها اللؤلؤةً ولو كانت هذه اللؤلؤة لا تزال صغيرةً ، فيحتفظ بها لفترةٍ قصيرة ثمّ يبيعها بسرعة غير مدركاً لقيمتها لأنه لا زال مبتدئاً . أما الصياد المحترف فهو يدرك أكثر أن اللؤلؤة تكبر وتزداد قيمتها وثمنها كلما تُرِكَت في البحر لتنمو في قلب المحارة شيئاً فشيئاً . لكن الصياد المحترف الصبور فإنه لا يستعجل نضج اللؤلؤة ولا يسرع في الوقت ، بل يتركه ليأخذ مجراه ، فإذا عثر الصياد المحترف على محارة فتية ، فلا يفتحها رغماً عنها ، بل يلقيها في البحر ثانية كي تتابع نموها حتى يحين أوان نضجها فتصبح جوهرة نفيسة ليس لها مثيل . فتظهر الجوهرة بأبهى حللها ليأتي الصياد المحترف الذي قدّره الله لها ، ويحصل عليها ولو بعد طول انتظار . إن البحر كما الحياة هي للجميع ، ولكن قدر الله هو النافذ ، وللصدفة حينئذ الحق في أن تمنح لؤلؤتها لمن شاء الله وفي الوقت الذي حدده الله ليستفيد من قيمتها الغالية . المهم ، هو أن تحقق ذاتها الفريدة ، فالصياد المحترف لا يطمع باللآلئ الصغيرة لأنّه ينشد ما هو أثمن وأغلى . وأنت أيتها الفتاة .. إذار أدت أن تكوني لؤلؤة ثمينة ، تابعي مسيرتك نحو النضج والاتزان ، واهتمي بنفسك وذاتك وعقلك وكوني كما تريدين أن تكوني . ولا تفقدي الأمل إذا طال انتظارك لأي أمر .. وابذلي جهودك كي تتخلّصي من الشوائب التي تقلِّل من شأنك وقيمتك ، واحصلي على ما تحتاجينه من غذاء مادي وروحيٍ كي تنمي وتكبري ولكن باعتدال وتوازن ، فلا تكثري من شيءٍ دون سببٍ وجيه . ابحثي عن الراحة لقلبك ، فـروح الحياة لا تأتي من فراغ بل اجتهدي ،انطلقي ولا تحجزي قلبك وعقبك بين جدران مغلقة فالهواء المحتجز في غرفةٍ مغلقةٍ يفسد مع الوقت . حذاري أن تبحثي عن الحب أو تصارعي من أجله ، وحذاري أن تمنحي نفسك قبل الأوان لأي صياد مبتدئٍ لا يعرف قيمتك ، فينتهي الأمر بأن يبيعك متى وجد السعر المناسب . تذكري أنك تستحقين كل ما هو أفضل وأجمل وأثمن .
كوني قوية .. ولا تفتحي قلبك إلا في الوقت المناسب وللشخص المناسب ، فقط عندما تثقين بنفسك و بقدرتك على تجاوز كل الصعوبات .. كما عليك أن تكوني واقعية فلا تبحثي عن صيادٍ مثالي بل عن صياد محترف صبور .
ولكن .. تذكري أنه لا يوجد إنسان كامل ، بل هناك إنسان يخاف الله فيك . فانظري إلى فارسك بموضوعية ، واقبليه كما هو ، بجوانب ضعفه وقوَّتِه .. واعلمي أن الحبّ الحقيقي حبّ واقعي فلا تعيشي أوهامك وخيالاتك الخاصة وتسرحي بها . وثقي أنه يوجد هذا الفارس الذي ينتظر أن يحين أوانك ، وينتظر أمر الله ، ويدرك قيمتك فيحبك بصدق واتزان ويحافظ عليك . .
كوني أنت ، كوني اللؤلؤة الثمينة يا فتاتي ..
|